14‏/4‏/2014

اِقطفي برفق!


 Karina Llergo
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 اِقطفي كلَّ أثماري

اِقطفي ما شئتِ من بستاني

ولكنّ رجائي الوحيد

أن تقطفي برفقٍ

ولا تهزّي بعنفٍ أشجاري

فهي بالكاد تسندني

وتحفظ بعض ما تبقّى من زماني

فاحذري كيْلا يسقط كياني!

ولا تعبثي به

كما يعبث طفلٌ بشجرةٍ

وحافظي على بعض أسباب تشبّثي بالمكانِ

أصابعي صامتةٌ عادة..

ولكنّها عندما تلمس جسدكِ

لا تكفّ عن الكلام

أتتكلّم؟!

لا، بل تثرثر حتّى الهذيانِ!

3‏/4‏/2014

لا تنسى أننا ننْسى!


Wounded Soft Watch, 1974  سلفادور دالي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا تنسى أننا ننْسى!
   (كلا ! الموت  (والانتحار أفسده)  أقرب إلى البَكَم منه إلى الشعر. فالشعر طريقة خاصة للوعي تخلّد جوهر وعمق الحياة لتنأى بها عن الموت. ولا يغفل وطأة المأساة فيها، ولكنّه لا يعدم مستقبل حياة بتعاسة ماضيها! فما دامت هناك فرصة غناء، فهناك دائماً فرصة انتشـال المعنى والمغنّي من لوثة الحزن. والشعر هو الضدّ العصيّ على الموت)

أنْ تبدأ صباحَكَ بـ ((سيجيء الموت))*
فلأنّ لياليكَ لم تمْنحَكَ نوماً هانئاً قطْ
وقطرةُ حزنٍ تلسع بؤبؤ العينْ
والشكّ قاطرةٌ نحدّق خلال نوافذها في مفارقات الوجود
وجوارح الزمن تحلّق فوق الدروب التي تسلكها
تفترس كلّ ما قطفتَ من عذوبةٍ وجمالٍ في حياتكَ
أبداً لمْ تحظَ بما هو ليس بصادمٍ أو بفاجع
مِنْ أين للوجود بكلّ هذا الخراب؟!
ومَنْ بوسعه رثاء هذا العالم المتداعي؟
وهل لمرثيةٍ واحدةٍ أنْ تسَعَ كلّ هذا الانين؟
العفن والتفسّخ حلّلا كلّ شيء
وبذور الجِدّة مضغت ذاتها
اِنقطع الماءُ وأمتنع المطرُ
تكدّر الأملُ بالدُمَلِ
وتلوّث الجرحُ بالطحالب
استبقت المآتمُ الموتَ
والجثث ضلّت الطريق الى مقابرها
و((أطيمو))** يطوف في الأرجاء 
والجنازة صارت نشيداً وطنياً
وباتت طقوسُ الدفن تجارةً رائجةً
والحياة باتت إحراجا
والطيور هجرت أرضاً ما عادت تنبت أشجارا
آه ما أكثر الأطلال هنا!
وما أخْفتَ الألحانْ
فتّشْ جيداً!
لعلّك تجد صرحاً لم يتقوّضْ بعدْ
فتّشْ جيداً!
لعلّك تبصر زرقةً في السماء
فتّشْ جيداً!
لعلّك تعثر على قطرةِ ماءٍ في الأنهار
فتّش وفتّش وفتّش..
فلا يُعقل أنّ في كلّ هذه الأوطانْ
لا يلوح لك فيها إنسانْ!
لاتغرّنكَ هذه الحشود..
فأنا أقصد محضَ فردٍ إنسانْ 
يفقه مجد الإنسانْ
فتّشْ عن وطنٍ يُغنّي ويُغْني
ولا يذبح فرداً إذْ يخرج عمّا كانْ
فتّشْ لكي لا ننسى أننا ننسى!
ننسى الأصل ونعبد الأوثانْ
فالأصل هو الإنسانْ
والأصل هو الإنسانْ
الأصل هو الإنسانْ
والحق في ما هو فانْ!
والخير في ما هو فانْ!
والجمال في ما هو فانْ!
فلولا ما هو فانٍ لمَا بانَ ما بانْ!
ولولا الفناءْ
لمَا عرفنا البقاءْ!
لقد نسِينا الغناءْ..
فسال الصمتُ
كقطرات المساءْ
فوقَ زجاجِ الروحْ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ((سيجئ الموت)) : كتاب لجمانة حداد حول الشعراء المنتحرين!. إن معادلة الشعر- الموت لا تستقيم، فالشعر في جوهره يلاحق ما هو حيّ، قد نفهم ونعذر شاعرا أرهقته القسوة فلاذ بالصمت الأبديّ، ولكن الأغنية تظل تصدح وإن صمت المغنّي، فالغناء فَيئ الحياة، مهما توحّشتْ وقَسَتْ،ورشفة عزاء في صحراء الوحشة، وبالغناء يستظلّ المتعبون وهم  يجفّفون عرق الكدْح!

** أطيمو : شبح الميت عند العراقيين القدامى، يظل يطوف حول الأحياء والدور ما دامت جثته لم توارى الثرى، ومن هنا  كان (إكرام الميت دفنه).