جواد سليم ، جزء من نصب الحرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فائض القهر
**********
(1)
أن الزمان خارج
الأشياء والوجودِ
أن الزمان وقع ما
يكون.. لا ما تحسب العقولْ
كأن معرفة كنه الشيء
في عزله عن فعله أو مداهْ..
أن نلمح الثمار في
الجذورِ
لكن مركزية الإنسان
أوهامٌ فشتْ في طفل الكون الذي
هاله ما وقع في يديه
من شجرة الحياة
فخال أنه وحيد الكون
والوجودْ !
(2)
أفعى الغريزة تفحّ في
كوى الرغبة والدماءِ
تنسّل في نوع يخاف كل
شيء حتى النخاعِ
كأنما اكتناز كل الشيء
يحميه من الضياعِ
فالشرِه الجديدْ
فمٌ أسيرُ سغبٍ بلا قرار وامتلاك لا يني
إنه ذكرى الجائع
العتيقْ..
(3)
هـزّت رؤاه العالم
القديمْ
(- اِحذر من الأحلام في هذا الزمان عندما تنامْ
!
قد بدل الكاهن جيناتك في الظلامْ
حُوّرت الجهات والأدوار قسرا، فالقفا أمامْ !
فالجند قادمون كالجرادْ..)
سيان ما يبقى وما يزول
من خصالِ
سيان ما ينفى وما يثبت
في الجدالِ
فأنت أنت الخاسر الأول
والأخيرْ
إنه عصر يستبيح الواحد
والكثيرْ
ولم تعد تملك في
طوفانه المصيرْ
العلم الأمريكي يحتكر
النجومْ !
فأي نجم قد يهدينا إلى
الضفافْ..
(4)
في وطني كـل الحياة
قطرة تراقْ
((وكل عام - حين يعشب
الثرى – نجوعْ
ما مرّ عام والعراق ليس فيه جوع))(**)
ما مرّ قرن والعراق
ليس في نواجذ الغزاةْ
أو مبتلى ينزف في
مخالب الطغاةْ
فائض قهرنا طوائف من
الغلاةْ !
لا أخشى الطغاة فيكم،
إنما أخشى العبيد إذ يفاجـئهمُ الجديدْ !
بغداد لما فتحت ساقيها
للريح والغريبْ
أوهمها الكاهن مرتينْ
وكانت الخدعة خدعتينْ
حبْل الأكاذيب طويل
هذه المرة كالطريقْ
بين آبار النفط
والمستودع البعيدْ
(5)
الظلم يأكل بلادي
وينزّ الحزن كل حينْ
شدو الشجون طقس كل
دينْ
الفقراء صمتوا (***) واحتكرالكهنة الكلامْ
لم يكن الإنسان إلا
كائنا يبرر أخطاءهُ..
تصدع المعنى من الفوضى
وجن زمن اللصوصْ
(6)
أن يمنح الغفران أو
يطلق في الجهاتْ
صرخته الحمراء ضد عالم
بذيءْ ؟
(7)
منذ قرون عربات الذهب
الضروسْ
تعبر من شرق الإنسان
إلى غربه كالشموسْ
تحمل غلّته، تترك
الظلام خلفها وتقطر النهارْ
ويغرق الانسان في الغبارْ
في أنغامه العريقة
بكتْ غربتُه الأطلالَ والرموسْ
وبالأسى الشرقيّ فاض
الناي بالنفوسْ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) من المتغيرات
اللافتة في الحياة السـياسية المعاصرة، هو النكــوص في خطابـها إلى الرؤى والمصطلحات
الدينية، وكان تجلّيها الأوضح هو خطاب الإدارة الأميركية في فتـرة بـوش الابن والمحافظين
الجدد، ثم ما لبث أن تفشى في العالم وخاصة في منطقتنا، وأخطر الأمثلة هي أطروحة (يهودية) دولة إسرائيل ويقابلها استحواذ التيارات السـياسية الدينيــة على
الســلطة في العديد من الدول العربية، مما سيغرق المنطقة في أتـون (حروب مقدسة) لن
تخلف سوى الدمار والخراب، وما ذلك إلا أمارة دخول العالـم في أزمـة عميقة لن يسعه اجتيازها
بآلياته الحالية فيرتد ملتجئا إلى الماضي عساه يتجنب أو يؤجل انهيار نظامه الراهن.
إن على حاضرنا أن ينسينا ماضينا لكي نحيا المستقبل !!!
(**) بدر شاكر السياب، من قصيدة (( أنشودة المطر)).
(***) (الفقراء هم الصامتون وحدهم في سومر) طه باقر، مقدمة في أدب العراق القديم. مثل سومري قديم ومعبّر، ويبدو أنه ما يزال معبرا عن حقيقة المقهورين حتى اليوم !