4‏/12‏/2014

سيدوري، زيديني خمراً!




سيدوري، زيديني خمراً!
***************************** 
(تنويعات على الحوار بين سيدوري وجلجامش)


لثْمُ الجمالِ
حرفة مَنْ أدار عشقُه طواحينَ المحالِ
عتَّقتْ (سيدوري) خمرتَه
ومع وصاياها سَـقتْه ُعسلاً
يقطر من حلمة الليل ومن ثغـر الخيالِ
البعد الفيزيقي يعوّض أرواحنا أحياناً
بالقرب الشعري الحميم..!
(ننسون) الجليلة
أمّاه! هلاّ فسّرْتِ أحلامي
صديقي (أنكيدو)
حميمي الذي رافقني إلى غابة الأرز
صديقي الذي حماني من وحوش الغابة
الغابة التي جئناكِ منها بالخشب
لسريرك الملكي
وأترعنا كؤوسكِ من نبيذها الأحمر
من كرومها جئناكِ بالنبيذ الأحمر
وأطربنا (أوروك) بحكاياها
رأيت في نومي صديقي
رأيته مقذوفاً بفخذ الثور
(إنانا) لم تمهله
رأيت صديقي
مسّه البرق
وشقّه الرعد
صديقي الذي جلبته من البريّة
صديقي الذي حماني في غابة الأرز
أوّاه! يا أمّاه!
هلاّ فسّرْتِ لي أحلامي..
***

(سيدوري صاحبة الحانة الساكنة عند ساحل البحر
شاهدت جلجامش مقبلاً..
...
إنْ كنت حقاً جلجامش الذي قتل حارس الغابة
وغلبت خمبابا الذي يعيش في غابة الرز
...
علامَ ملك الحزن قلبك وتبدّلت هيئتك
...
وعلامَ تهيم على وجهك في الصحارى؟
فأجاب جلجامش صاحبة الحانة وقال لها:
...
قد أدرك (مصير البشر) صاحبي وأخي الأصغر
...
آه! لقد غدا صاحبي الذي أحببت تراباً
وأنا، سأضطجع مثله فلا أقوم أبد الآبدين
فيا صاحبة الحانة، وأنا أنظر إلى وجهك،
أيكون في وسعي ألاّ أرى الموت الذي أخشاه وأرهبه؟)*


الليل قد طال يا (سيدوري)
ولائحة الاكتئاب طويلة
صبّي خمركِ، واملأي كلّ الكؤوس
من فرح الكروم
أو من زلال التمور
لا فرق، فقد جفّت النفوس
في البراري تحت الشموس
رحيمة! أنت يا ساقية الخمور
وخوابيكِ أنهار تُطفئُ عطش الصحارى
يا منيرة الليالي
يا دليلة الأرواح
عطرّي المائدة بالليمون
ولا تمنحي فرصة النضوب للكؤوس!


(فأجابت صاحبة الحانة جلجامش قائلة له:
إلى أين تسعى يا جلجامش
إنّ الحياة التي تبغي لن تجد
حينما خلقت الآلهة العظام البشر
قدرت الموت على البشرية
واستأثرت هي بالحياة
أما أنت يا جلجامش فليكن كرشك مليئاً على الدوام
كن فرحاً مبتهجاً نهار مساء
وأقم الأفراح في كل يوم من أيامك
وارْقصْ والْعبْ مساء نهار
واجعل ثيابك نظيفة زاهية
واغسل رأسك واستحم في الماء
ودلل الصغيرالذي يمسك بيدك
وأفرح الزوجة التي بين أحضانك
وهذا هو نصيب البشرية...)*
***

للخمر كأسٌ
وللعشق قلبٌ
وللموت وقتٌ
فلتثْمل الروح
حتى نهاية الرقصة
آه.. ما أصغر كأسي
وما أوسع البحر
في عينيكِ..!
السماء أبعد ما تكون
أشرعتي تمزّقتْ
وأجنحتي تكسّرتْ
لكنّه الشوق لا يعرف السكون
يخفضني ويرفعني
يجذبني ويدفعني
أحار بين الرحيل أو الجنون
أراني في عينيكِ
محلّقاً وغارقاً
بين انفتاح وانطباق الجفون
***
السؤال الأبدي
ما زال ينزف غزيراً في أعماق الروحْ
إلامَ تؤول أيّها الروحْ؟! 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ملحمة جلجامش، ترجمة طه باقر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق